اقتصاد مصر، أيام ناصر: بناء اقتصاد مستقل عبر القطاع الصناعي.. رؤى المفكر محمد عادل زكي 

اقتصاد مصر، أيام ناصر: بناء اقتصاد مستقل عبر القطاع الصناعي.. رؤى المفكر محمد عادل زكي

مقدمة

نشر المفكر محمد عادل زكي منشورًا عبر حسابه على الفيسبوك يتناول فيه الذكرى ٧١ لثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، ويرى أن كثيرين يهاجمون الستينات دون أن يعرفوا كيف كان اقتصاد مصر أيام ناصر. في ذكرى 71 لثورة 23 يوليو 1952، يطلّ علينا سؤال هام: كيف كان حال اقتصاد مصر أيام ناصر؟ فبينما يشهد البعض على التحديات التي واجهتها مصر في تلك الفترة، يرى البعض الآخر أن اقتصاد مصر أيام ناصر كان حافلاً بالتحولات الإيجابية التي مهدت لمصر طريق الاستقلال الاقتصادي. في هذا المقال، سنستكشف اقتصاد مصر أيام ناصر ونحلل إنجازاته وتحدياته من منظور تاريخي، مع التركيز على فهم الأسباب التي أدت إلى تلك التحولات، ونستعرض الآراء المختلفة حولها.

١- ثورة يوليو: بداية التحول الاقتصادي

تلت ثورة يوليو 1952 مرحلة جديدة في اقتصاد مصر أيام ناصر. شهدت مصر تحولاً ملحوظًا في سياساتها الاقتصادية. ويمكن تقسيم تلك الفترة إلى مرحلتين:

أ) المرحلة الأولى (1952-1956):

تميزت هذه المرحلة بوجود اقتصاد مصر أيام ناصر رأسمالي تقليدي، حيث كانت أغلبية المشروعات مملوكة لأفراد، خاصةً في مجال الصناعة. لعبت الدولة في هذه المرحلة دورًا رقابيًا على اقتصاد مصر أيام ناصر القومي، مع تشجيع مبادرة الرأسمال الفردي. كان الهدف هو تطوير اقتصاد مصر أيام ناصر القومي من خلال تحفيز القطاع الخاص على النمو.

ب) المرحلة الثانية (1956 - أوائل السبعينات):

شهدت هذه المرحلة نقطة تحول في مسار اقتصاد مصر أيام ناصر. تميزت بسياسة التأميم التي شملت الأراضي والمصانع والمنشآت والوكالات التجارية. كان الهدف الرئيسي من التأميم هو بناء اقتصاد مستقل وإعادة هيكلة اقتصاد مصر أيام ناصر على نحو صناعي، ورغم أن هذه المحاولة كانت ضمن إطار النظام الرأسمالي العالمي، إلا أنها سعت إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي وتحقيق الفائض لتصدير العديد من السلع.

٢- النجاحات الاقتصادية في عهد ناصر:

لم تكن سياسة التأميم خطوة عشوائية، بل كانت خطة مدروسة لخلق اقتصاد وطني قوي.

أ) النمو الاقتصادي:

شهدت مصر خلال تلك الفترة نموًا ملحوظًا في اقتصاد مصر أيام ناصر. فقد ارتفع الناتج المحلي بشكل كبير من 137.9 مليون جنيه في عام 1952 إلى 545.8 مليون جنيه في عام 1975.

ب) تحويل وسائل الإنتاج:

تم تحويل وسائل الإنتاج من ملكية فردية إلى ملكية الدولة عن طريق التمصير وسلسلة التأميمات. وكان الهدف من ذلك هو توفير مزيد من الفرص للنمو الاقتصادي وإزالة العوائق التي كانت تعترضها، مثل: ضعف الإدارة، وعدم كفاية الاستثمارات، ونقص التكنولوجيا.

ج) تطوير الصناعة والخدمات:

شهدت تلك الفترة ازدهارًا في الصناعة وتوسعًا في البنية التحتية الصناعية. سيطرت الدولة على الصناعة والخدمات، وأنشأت العديد من المصانع الجديدة، مثل مصانع الحديد والصلب، ومصانع النسيج، ومصانع الأسمدة، ومصانع الأدوية.

د) تعزيز الصادرات والصناعات التحويلية:

شهدت تلك الفترة زيادة في قيمة الصادرات، و ازدادت نسبة الصناعات التحويلية من إجمالي ناتج القطاع الصناعي الفردي. وذلك بفضل توفير الاستثمارات للصناعات والموارد المادية لزيادة الإنتاج وتوسيع أسواقها.

هـ) تحسين أوضاع الفلاحين:

أعلنت الحكومة عن توزيع مليون فدان لصالح صغار الفلاحين بهدف توسيع قاعدة الملكية الصغيرة وتحسين أوضاعهم المعيشية.

و) زيادة العمالة الصناعية:

شهدت تلك الفترة ارتفاعًا في عدد العاملين في القطاع الصناعي وانخفاضًا في عدد العاملين في القطاع الزراعي.

٣- تحديات الفترة الناصرية:

أ) توزيع الملكية الزراعية:

واجه اقتصاد مصر أيام ناصر تحديات في مجال توزيع الملكية الزراعية. فعلى الرغم من محاولات الحكومة لضمان توزيع أكثر عدلاً للثروة عن طريق توزيع الأراضي على الفلاحين، إلا أن توزيع الملكية الزراعية لم يكن متكافئاً، حيث تراكمت ملكيات كبيرة في أيدي القلة، بينما واجه صغار الملاك الزراعيين الفــقر والعــوز.

ب) التوترات مع الإمبريالية العالمية:

دخلت مصر في حروب عديدة خلال عهد ناصر، وتوترت علاقاتها مع إنجلترا و فرنسا. وذلك لأسباب سياسية واقتصادية. كان تأثير هذه التوترات على اقتصاد مصر أيام ناصر كبيرًا، فقد أدت إلى انخفاض الاستثمارات الأجنبية والتجارة الخارجية.

٤- التقييم والنقد:

أ) الآراء الإيجابية:

يرى البعض أن سياسة التأميم كانت خطوة حاسمة في بناء اقتصاد مستقل لمصر. فقد أدت إلى توسع الصناعة والتصنيع وخلق فرص عمل جديدة. كما ساهمت في تخفيف العجز في الميزانية و تحسين المستوى المعيشي للعمال والموظفين.

ب) الآراء السلبية:

يرى البعض الآخر أن سياسة التأميم كانت خطأً فادحًا أضر بالاقتصاد المصري. فقد أدت إلى فقدان الخبرة والمعرفة الخاصة بقطاع القطاع الخاص. كما أدت إلى بيروقراطية شديدة في الإدارة و ضعف الابتكار والفعالية.

٥- الاستنتاج:

اقتصاد مصر أيام ناصر شهد تحولات كبيرة، و حقق نجاحات عديدة في فترة البناء الصناعي. تم تحويل وسائل الإنتاج من ملكية فردية إلى ملكية الدولة، و تم توسيع الصناعات و تحسين البنية التحتية الصناعية. كما ازدادت قيمة الصادرات و تم تعزيز الصناعات التحويلية. كل ذلك ساهم في بناء اقتصاد مصر المستقل.

ولكن، لم يخلُ اقتصاد مصر أيام ناصر في ذلك الوقت من بعض التحديات التي أثرت على الاستقرار الاقتصادي. تواجه مصر توزيعًا غير متكافئ للملكية الزراعية، حيث تراكمت ملكية الأراضي في أيدي القلة، بينما واجه صغار الملاك الزراعيين الفــقر والعــوز. كما اضطرت مصر لمواجهة التوترات مع الإمبريالية العالمية، وخاصةً بريطانيا و فرنسا، مما أدى إلى مشاكل اقتصادية إضافية.

ومع ذلك، لا شك أن فترة البناء الصناعي أيام ناصر كانت مهمة و حافلة بالــتحولات الإيجابية. تم تحقيق تقدم ملحوظ في مجالات الصناعة و الزراعة و الصادرات، مما ساهم في بناء اقتصاد مصر المستقل.

الأسئلة الشائعة:

١. ما هي الإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها الثورة في عهد ناصر؟

أثناء عهد ناصر، قامت الثورة بحركة تأميم شاملة للأراضي والمصانع والمنشآت والوكالات التجارية، بهدف بناء اقتصاد مستقل. كما تم تحويل وسائل الإنتاج من ملكية فردية إلى ملكية الدولة، وتم توسيع الصناعات وتحسين البنية التحتية الصناعية.

٢. ما هي أبرز النجاحات الاقتصادية التي تحققت في عهد ناصر؟

تحققت العديد من النجاحات الاقتصادية في فترة البناء الصناعي أيام ناصر، منها ارتفاع الناتج المحلي وزيادة الصادرات وتحسين الصناعات التحويلية.

٣. ما هي التحديات التي واجهت اقتصاد مصر أيام ناصر في تلك الفترة؟

واجه اقتصاد مصر أيام ناصر في تلك الفترة تحديات عديدة، منها توزيع غير متكافئ للملكية الزراعية والتوترات مع الإمبريالية العالمية.

٤. كيف تغيرت نسبة العمالة في القطاعات المختلفة خلال فترة البناء الصناعي؟

شهدت فترة البناء الصناعي تغيرًا في نسب العمالة في القطاعات المختلفة، حيث انخفضت نسبة العمالة الزراعية وارتفعت نسبة العمالة الصناعية وقوة العمل نحو قطاع الخدمات.

٥. هل تحسنت أوضاع الفلاحين خلال فترة حكم ناصر؟

نعم، تحسنت أوضاع الفلاحين خلال فترة حكم ناصر حيث تم توزيع مليون فدان لصالح صغار الفلاحين بهدف توسيع قاعدة الملكية الصغيرة.