مصر وعضوية مجموعة البريكس.. أبرز المكاسب الاقتصادية

تزايد الحديث عن حصول مصر مؤخرًا على عضوية مجموعة البريكس القوى الاقتصادية الصاعدة، والتي تُعد نموذجًا أصيلًا للمنظمات المرنة.

  مكاسب مصر من الانضمام لمجموعة البريكس

مصر وعضوية مجموعة البريكس.. أبرز المكاسب الاقتصادية

مقدمة

تزايد الحديث عن حصول مصر مؤخرًا على عضوية مجموعة البريكس القوى الاقتصادية الصاعدة، والتي تُعد نموذجًا أصيلًا للمنظمات المرنة؛ أو بالأحرى العابرة للقارات. فقد انتهت قمة مجموعة البريكس المنعقدة في جنوب إفريقيا من ٢٢ أغسطس حتى ٢٤ أغسطس من العام ٢٠٢٣، والتي انبثق من خلالها الإعلان عن انضمام ٦ دول وهم (جمهورية مصر العربية، المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، إثيوبيا، إيران، الأرجنتين)، وذلك من خلال بداية العام المقبل ١ يناير ٢٠٢٤. إلى ذلك، يُمثل مثل ذلك الإعلان أهمية قصوى على الساحة السياسية والاقتصادية الدولية، نظرًا لما يطرحه من عدة تساؤلات تتمثل في أبرز المكاسب الاقتصادية لكل دولة من الدول التي ستنضم لمجموعة البريكس، إلى جانب عوائد ذلك على الدول المؤسسة. هذا بجانب، انعكاسات ذلك على موازين القوى العالمية لاسيما بعد وجود نية لقيام مجموعة البريكس بإصدار عملة تحل محل الدولار في المعاملات التجارية، وهو ما سيمثل تقويضًا للهيمنة الأمريكية. ومع ذلك، سيتم التركيز هنا فقط على أبرز المكاسب لمصر جراء انضمامها إلى مجموعة البريكس. فانضمام مصر إلى مجموعة البريكس سيحقق العديد من الفوائد والمكاسب للبلاد. وتشمل أهم الفوائد اجتذاب استثمارات جديدة، وتعزيز التجارة المتبادلة، وتنويع الاقتصاد بعيدًا عن الدولار، ودعم التنمية المستدامة، وتعزيز التعاون والتكامل الإقليميين.

نشأة وأهمية مجموعة البريكس

يجسد المصطلح الذي يُشار إليه باسم بريكس BRICS القوى الاقتصادية الناشئة في البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، والمغلفة في إطار اختصار BRICS. وقد نشأ هذا التصنيف باسم "BRIC" في عام 2001، ويمكن ملاحظة البدايات الأولى له من خلال دراسة نشرها الاقتصادي جيم أونيل من بنك جولدمان ساكس Goldman Sachs، والتي تم شرحها بشكل بارز في أطروحته الأساسية بعنوان "بناء أفضل للاقتصاد العالمي BRICs'. فقد كان التعايش مع هذه الصيغة المصطلحية فترة تميزت بصعود واضح في المسارات والأوضاع الاقتصادية للبرازيل وروسيا والهند والصين، وهو ظرف أثار مخاوف بشأن آثارها المترتبة على ذلك على ملامح الصرح الاقتصادي الدولي لاسيما مؤسسات بريتون وودز. وفي الوقت نفسه، شهد عام 2011 إدماج جنوب أفريقيا في مجموعة البريكس؛ مما زاد من نطاقها الديمغرافي والجغرافي.

وفي أعقاب التطور التأسيسي، عجّلَت مجموعة بريكس بالانتشار السريع عبر المساعي الدبلوماسية، مما أدى إلى تضخيم دورها في مجالات الخطاب الاقتصادي والأمني العالمي. في الوقت نفسه، نظمت مكونات هذا الاتحاد إنشاء مؤسسات مالية مبتكرة مثل بنك التنمية الجديد، وصندوق احتياطي الوحدات؛ مما يرمز إلى تطلعاتها لإعادة ضبط الهيكل المالي الراسخ منذ الحرب العالمية الثانية.

فمجموعة بريكس في نواتها، هي تجسيد لقطاع كبير من عدد السكان حول العالم بنسبة تتجاوز 40٪. علاوة على ذلك، فإن دول البريكس وهم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا تولد مجتمعة ما يزيد عن خمس الثروة العالمية التراكمية. ومع انضمام دول جديدة للبريكس في ٢٠٢٤ سيتضاعف بشكل كبير مساهمة المجموعة في الاقتصاد العالمي. وعند تقييم توسيع عضوية مجموعة بريكس، سنجد أن اختيار دول مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وفقًا لتصريحات سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي في القمة أن الخطاب متعدد الأوجه المحيط بتوسيع مجموعة البريكس تميز بمشاركة قوية، وليس خاليًا من التحديات. ومع ذلك، كان من الواضح أن كل دولة مشاركة ملتزمة التزامًا راسخًا بالهدف الجماعي المتمثل في إدماج أعضاء جدد. وفي هذا الصدد، أُوليت اعتبارات دقيقة للطرائق والإجراءات التي تحكم المنضمين الجدد. من بين العوامل المحددة لقبول الدول الأعضاء المحتملة مكانتها وتأثيرها على المسرح العالمي، إلى جانب الجاذبية السياسية المصاحبة لها. نشأ هذا التركيز على المكانة والثقل السياسي والموقع الدولي.

ووضح لافروف أن تقاربًا في الفكر ساد بين الدول يتماشى مع مبادئ نظام تعدد الأقطاب، وضرورة توليد أبعاد ديمقراطية ومُنصفة أكبر في العلاقات الدولية، ورفع مستوى دور الجنوب العالمي في آليات الحُكم العالمي. وفي هذه الخلفية السياقية، تتماشى مجموعة الدول الستة، التي تم الكشف عن هوياتها مسبقًا، بسلاسة مع المعايير المذكورة أعلاه وفقًا لتصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.

طلب مصر للانضمام إلى مجموعة البريكس

في يونيو 2023، كانت مصر قد قدمت طلبًا رسميًا للانضمام إلى المجموعة. وقبل ذلك، صادق الرئيس عبد الفتاح السيسي على عضوية مصر. ترى مصر أن الانضمام إلى مجموعة البريكس فرصة لتوسيع علاقاتها التجارية، وجذب الاستثمارات، وتعزيز تأثيرها الجيوسياسي على المسرح العالمي.

آفاق انضمام مصر إلى مجموعة البريكس

سلطت العديد من الدراسات الضوء على الفوائد المحتملة التي يمكن أن تجنيها مصر من الانضمام إلى مجموعة البريكس. ويمكن أن يؤدي تعزيز التعاون الاقتصادي بين مصر وأعضاء مجموعة البريكس إلى زيادة تدفقات التجارة والاستثمار. ويؤكدون على أهمية نقل التكنولوجيا وتبادل المعارف، مما يمكن أن يسهم في التنمية الاقتصادية في مصر.

المكاسب الاقتصادية لمصر من الانضمام لمجموعة البريكس

● جذب استثمارات جديدة للاقتصاد المصري

يمكن أن تفتح عضوية مصر في مجموعة البريكس الأبواب أمام استثمارات كبيرة للاقتصاد المصري. كشفت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (CAPMAS) أن الاستثمارات من دول البريكس في مصر ارتفعت من 610.9 مليون دولار في السنة المالية 2020/2021 إلى 891.2 مليون دولار في 2021/2022، بزيادة قدرها 45.9 في المائة. فيمكن للانضمام إلى مجموعة البريكس أن يوفر لمصر فرصًا تجارية معززة، واستثمارًا في البنية التحتية، وتبادل المعرفة، والتأثير الجيوسياسي، وهو أمر بالغ الأهمية للنمو الاقتصادي.

● تعزيز التجارة المتبادلة

مصر لديها حجم كبير من التجارة مع أعضاء مجموعة البريكس، وخاصة روسيا والصين والهند. مع اقتصادها النامي، يمكن لمصر توسيع صادراتها إلى هذه البلدان، والاستفادة من الاتفاقيات التجارية مثل السوق المشتركة للجنوب (ميركوسور)، لتصبح مركزًا يربط بين إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية. وقد ارتفع التبادل التجاري بين مصر ومجموعة البريكس إلى 31.2 مليار دولار في عام 2022، مقارنة بـ 28.3 مليار دولار في عام 2021، بنمو قدره 10.5٪.
يعني انضمام مصر إلى مجموعة البريكس بداية من يناير ٢٠٢٤ أن المجموعة التجارية لديها الآن وصول شمالي وجنوبي إلى أسواق الاتحاد الأفريقي مع جنوب أفريقيا.

● تقليل الاعتماد على الدولار

تطمح دول مجموعة البريكس إلى إنشاء عملة بديلة للتجارة العالمية، يحتمل أن تكون مدعومة بالذهب، لتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي لتسعير السلع الأساسية في الأسواق العالمية، وفقًا لموقع الكتلة على الإنترنت. كما أن نقص الدولار مع الأزمة الأوكرانية تسبب في ارتفاع التقلبات في سعر الصرف، الفاتورة الاستيرادية للسلع بشكل عام. داخل مجموعة البريكس، يمكن لمصر أن تتداول بالعملة المحلية، كما تأمل في جذب المزيد من الاستثمارات من الدول الأعضاء.

● دعم التنمية المستدامة

يمكن للانضمام إلى مجموعة البريكس أن يوفر لمصر فرصًا تجارية معززة، واستثمارًا في البنية التحتية، وتبادل المعرفة، والتأثير الجيوسياسي، وهو أمر بالغ الأهمية للنمو الاقتصادي. من شأن توفر خيارات تمويل بديلة أن يمكّن مصر من تأكيد شروطها والتفاوض من موقع أكثر قوة عند السعي للحصول على حزم مالية من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي في المستقبل. من خلال الانضمام إلى مجموعة بريكس، يمكن لمصر الاستفادة من الفوائد التي يوفرها بنك التنمية الجديد، والذي أعربت عن اهتمامها الشديد به حتى قبل السعي إلى عضوية بريكس.

● تعزيز التعاون والتكامل الإقليميين

يعني انضمام مصر إلى مجموعة البريكس أن المجموعة التجارية لديها الآن وصول شمالي وجنوبي إلى أسواق الاتحاد الأفريقي مع جنوب إفريقيا. في الوقت نفسه، تسعى مصر بنشاط لجذب رؤوس أموال واستثمارات أجنبية إضافية، لا سيما من دول الخليج، لضخ السيولة التي تشتد الحاجة إليها بالعملات الأجنبية في السوق المصرية. توفر عضوية مصر المرتقبة في مجموعة بريكس فرصة حاسمة لتنويع مصادرها من القروض التي تشتد الحاجة إليها، وبالتالي تقليل اعتمادها فقط على شروط وموافقات صندوق النقد الدولي الصعبة.

أبرز التحديات التي قد تواجه مصر في انضمامها للبريكس

من المتوقع أن ينمو تفاعل مصر مع مجموعة البريكس. يمكن أن تقلل عضوية مصر في مجموعة البريكس إلى حد ما من مشاكل في الاقتصاد المصري. ومع ذلك، هناك تحديات تتعلق بالتنويع الاقتصادي، واختلالات الميزان التجاري، والمنافسة مع أعضاء بريكس الحاليين، ومواءمة السياسات. "انضمام القاهرة إلى مجموعة البريكس سيفيدها بشكل كبير على المديين المتوسط والطويل لأنه سيخلق تعاونًا اقتصاديًا مع الدول الكبرى في المجموعة، لكن فكرة اقتراح انضمام مصر في الوقت الحالي قد تفهمها الولايات المتحدة والدول الغربية على أنها تقف إلى جانب الصين وروسيا، رغم أن السياسة الخارجية المصرية تقوم أساسًا على مبدأ العلاقات الدولية المتوازنة".

الخاتمة

مع انضمام مصر إلى مجموعة البريكس ستتحقق العديد من المكاسب الاقتصادية للبلاد. وتشمل هذه الفوائد جذب استثمارات جديدة، وتعزيز التجارة المتبادلة، وتنويع استخدام العملات المحلية في المعاملات التجارية بعيدًا عن الدولار، ودعم التنمية المستدامة، وتعزيز التعاون والتكامل الإقليميين. فيمكن أن تفتح العضوية في البريكس الأبواب أمام استثمارات كبيرة في الاقتصاد المصري، ولدى مصر حجم كبير من التجارة مع أعضاء البريكس، وخاصة روسيا والصين والهند. مع اقتصادها النامي، يمكن لمصر توسيع صادراتها إلى هذه البلدان، والاستفادة من الاتفاقيات التجارية مثل السوق المشتركة للجنوب (ميركوسور)، لتصبح مركزًا يربط بين إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية، وذلك بعد الإعلان رسميًا في قمة جنوب أفريقيا عن انضمام مصر بدءًا من يناير ٢٠٢٤.

Getting Info...

إرسال تعليق

Cookie Consent
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.
Oops!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت والبدء في التصفح مرة أخرى.
AdBlock Detected!
لقد اكتشفنا أنك تستخدم المكون الإضافي adblocking في متصفحك.
تُستخدم الإيرادات التي نحققها من الإعلانات لإدارة هذا الموقع ، ونطلب منك إدراج موقعنا في القائمة البيضاء في المكون الإضافي لحظر الإعلانات.
A+
A-