طوفان الأقصى بين الصمت الدولي والتخاذل العربي

جاءت عملية طوفان الأقصى لِتَكُن حدثًا بارزًا في تاريخ القضية الفلسطينية أعاد تسليط الأضواء عليها من جديد، فنجد أن تلك العملية كانت بمثابة صدمة صاعقة..

طوفان الأقصى بين الصمت الدولي والتخاذل العربي
حبيبه عبدالفتاح تكتب: طوفان الأقصى بين الصمت الدولي والتخاذل العربي 

بقلم/ حبيبه عبدالفتاح -طالبة بكلية السياسة والاقتصاد جامعة السويس

جاءت عملية طوفان الأقصى لِتَكُن حدثًا بارزًا في تاريخ القضية الفلسطينية أعاد تسليط الأضواء عليها من جديد، فنجد أن تلك العملية كانت بمثابة صدمة صاعقة تجتاح الساحة العالمية. حيث قيام المقاومة الفلسطينية "حماس" وعلى غير توقع في صباح السابع من أكتوبر 2023 بشن هجمات على مواقع للجيش الاسرائيلي في غلاف غزة، والتمكّن من السيطرة على قاعدة عسكرية ونقاط مراقبة تابعة للاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزة، ولم تتوقف عند هذا الحد بل قامت أيضًا بأسر عدد من المدنيين والجنود الإسرائيليين، وذلك وفقًا لما أكدته وسائل إعلام إسرائيلية.

وهذا ما جعل تلك الأحداث صادمة ومُفاجئة للجانب الاسرائيلي، وذلك وفقًا لما أوضحه رئيس الوزراء الاسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، حيث قال إن حماس فاجأتهم بتلك الحرب التي وصفها بأنها غير مسبوقة متوعدًا لحماس بدفع الثمن باهظًا.

ردود الأفعال حول عملية طوفان الأقصى

تباينت الآراء حول تلك العملية على الساحة الدولية واختلفت وجهات النظر وانقسمت دول العالم ما بين مؤيد ومُعارض.

نجد أن هناك من أعرب عن رفضه الشديد لما حدث واصفًا "حماس" بكونها "مُنظمة إرهابية"، مؤيدًا بذلك إسرائيل وداعمًا لها مؤكدًا حقها في الرد على ذلك والدفاع عن نفسها. وهذا الموقف الذي تبنّاه الغرب على غرار "الولايات المتحدة، فرنسا، ألمانيا، بريطانيا".

نجد أنه فور اندلاع تلك العملية أعلن الرئيس الأمريكي "چو بايدن" عبر تصريح له دعم الولايات المتحدة الكامل لإسرائيل مؤكدًا إدانته لعملية طوفان الأقصى.

بينما نجد موقف الدول العربية على رأسهم "مصر، الأردن" آن ذلك متمثل في المُطالبة بالتهدئة ومنع التصعيد حرصًا على أمن وسلامة المِنطقة.

الرد الإسرائيلي على عملية طوفان الأقصى 

ردًا على عملية طوفان الأقصى، قام الكيان الصهيوني بإطلاق عملية عسكرية تحمل اسم "السيوف الحديدية"، وتم التركيز على استهداف المدنيين الأبرياء والعمل على إبادتهم بشكل جماعي من خلال المجازر التي تُرتكب في حقهم عبر القصف والغارات المستمرة التي لا تتوقف على القطاع، وتم ذلك من خلال دعم عسكري أمريكي ملحوظ للكيان الصهيوني، حيث أعلن الرئيس الأمريكي "بايدن" عن إرسال حاملة الطائرات الأمريكية "جيرالد آر فورد" التي تحتوي على طائرات مقاتلة من طراز وفئة F-18"" في شرق البحر الأبيض المتوسط كنوع من الدعم العسكري لحماية إسرائيل، وردع أي طرف يحاول التدخل في الحرب.

ولكن نتساءل هنا، هل في مثل تلك الأحداث يكون الرد موجهًا للمدنيين؟

أبرز ردود الأفعال عقب الرد الصهيوني

إن كُنّا سنتحدث عن هذا الأمر من منظور سياسي، فما نراه يحدث على الساحة العالمية اليوم وموقف الغرب من ذلك وتوجيه الدعم للكيان الصهيوني، فهو أمر غير صادم بطبيعة الحال. نعلم جيدًا أن الغرب يعمل على بقاء الكيان في منطقة الشرق الأوسط دعمًا لمصالحه في المِنطقة وحفاظًا عليها.

أما إذا تطرقنا للأمر من منظور إنساني، نرى أن الأمر مُخزي للغاية، فالعالم أجمع من شرقه لغربه يُشاهد تلك المجازر التي تُرتكب في صمت قاتل.

منهم من يُبرر ذلك مدعيًا حق الكيان الصهيوني في الرد والدفاع عن نفسه، وأنّه يجب القضاء على الإرهاب متمثلًا في "حماس" من وجهة نظرهم، وبذلك نرى أن موقف القوى الغربية لم يتغير منذ بدأ العملية وصولًا لرد الكيان الصهيوني بأبشع الطُرق. هُم أول من يتحدثون عن حقوق الإنسان وهم آخر من يعملون بها.

وهناك من رأى أن عبارات التنديد كانت كافية للتصدي لأمر بهذا الحجم ومواجهته، وهنا نختص الدول العربية بالحديث، فقد اكتفت فقط بالرد على ذلك من خلال عبارات تُدين فيها ما حدث بجانب مطالبتها بوقف إطلاق النار والمجازر التي ترتكب في حق المدنيين.

ولكن، أهذه العبارات كانت كافية؟

نرى أن استمرارية تلك المجازر وعمليات الإبادة الجماعية منذ  "السابع من أكتوبر" حتى يومنا هذا "السابع من نوفمبر"، خير دليل على أن تلك الكلمات والعبارات لم تكُن كافية للتصدي لتلك الأحداث، فقد وصل عدد الشهداء وفقًا لما أعلنته وزارة الصحة الفلسطينية إلى 10328 شهيد من بينهم 4237 طفل، هؤلاء لا يفهمون بالحديث والكلمات بل فقط بالأفعال المُماثلة لأفعالهم من مجازر وعمليات إبادة.

أما فيما يتعلق بمطالبة مجلس الأمن بوقف إطلاق النار فيأتي السؤال هنا "هل استطاع مجلس الأمن تلبية هذا النداء؟"

رأينا فشل مجلس الأمن في هذا الأمر، وهذا مُتوقع أيضًا، فكيف ننتظر حدوث ذلك في ظل وجود "الڤيتو الأمريكي" الذي يُعرقل تنفيذ أي قرار يأتي في صالح الجانب الفلسطيني، مُبررين ذلك بضرورة القضاء على الإرهاب "حماس" في اعتقادهم، وأن أي قرار بوقف إطلاق النار يُعطّل ذلك بل ويأتي في صالح "حماس".

وبذلك نجد فشل محاولات الدول العربية، وحقيقة الأمر أن الدول العربية على علم تام بأن موقفها مُجرّد موقف صوري وشكلي غير مؤثر على الإطلاق، ولكنّها تحاول ألّا تبخل بالكلمة أيضًا حتى وإن كانت لن تُجدي ثمارها شيئّا.

ولكن لدى الدول العربية سياسات مختلفة يمكن اتباعها إن رغبت هي الأخرى في التأثير الفعلي على مجرى الأحداث، فهناك سلاح النفط والغاز الذي يمكن استخدامه ضد الدول الداعمة للكيان الصهيوني، سيكون لذلك تأثير سلبي على اقتصاد تلك الدول. هذا وبجانب القدرة على وقف وتعليق الاتفاقيات التي تجمع بينهم وبين الكيان أو الدول الداعمة له كاتفاقيات التطبيع وغيرها.

وأخيرًا يجب ألا ننسى العلاقات الدبلوماسية ودورها في مثل هذه الأحداث، تستطيع الدول العربية قطع العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني ومن يدعمه إن رغبت في ذلك.

فجميعها أوراق ضغط يمكن للدول العربية استخدامها بشكل مرن لا لبس فيه؛ لتغيير طبيعة الأحداث.

وعلى الرغم من ذلك مازالت المقاومة الفلسطينية صامدة قادرة على التصدي ومواجهة الكيان الصهيوني وحدها وتكبيده خسائر ساحقة سواء في الآليات العسكرية أو الجنود الإسرائيلية.

ولكن مازلنا نتساءل حول مدى استمرارية المواقف الصورية والاعتماد على الكلمة كسلاح؟

ما الأمر الذي من الممكن أن يُحرّكنا لاتخاذ موقف حاد وواضح إن لم يُحرّكنا سفك دماء أبناء أمتنا؟

Getting Info...

إرسال تعليق

Cookie Consent
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.
Oops!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت والبدء في التصفح مرة أخرى.
AdBlock Detected!
لقد اكتشفنا أنك تستخدم المكون الإضافي adblocking في متصفحك.
تُستخدم الإيرادات التي نحققها من الإعلانات لإدارة هذا الموقع ، ونطلب منك إدراج موقعنا في القائمة البيضاء في المكون الإضافي لحظر الإعلانات.
A+
A-