النفوذ الأمريكي نحو الانفلات

في الحقيقة إن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر أي حرب على إحدى حلفائها في مناطق نفوذها هي حرب مباشرة عليها قبل أن تكون على تلك الدول مباشرة..

النفوذ الأمريكي نحو الانفلات
إبراهيم طنطاوي يكتب: النفوذ الأمريكي نحو الانفلات

بقلم إبراهيم طنطاوي *طالب بكلية السياسة والاقتصاد جامعة السويس

مقدمة

تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة المهيمنة على العالم تحديدا من بعد الحرب العالمية الثانية حيث إن جميع المقرات السيادية السياسية توجد في الولايات المتحدة الأمريكية وتمارس الولايات المتحدة هذه الهيمنة من خلال نفوذها الذي تفرضه على دول العالم، تنوع هذا النفوذ في عدة أشكال تخدم المصالح الأمريكية بشكل عام، تنوع  هذا النفوذ من نفوذ ثقافي من خلال الثقافة الأمريكية التي تصدر للعالم من خلال السينما وما الى اخره والنفوذ التجاري والاقتصادي الذي تفرضه الولايات المتحدة من خلال العملة المسيطرة الدولار والتحكم في الغذاء وتقديم المساعدات والنفوذ العسكري حينما تتدخل عسكريا كما رأينا في العراق وأفغانستان والنفوذ من خلال التدخل الغير مباشر في سيادات الدول وفرض السياسات الأمريكية على تلك الدول مثل تايوان وإسرائيل وأوكرانيا من خلال دعمهم سياسيا وعسكريا واقتصاديا.

ولكن يبقى السؤال الذي يطرح نفسه الى أي مدى ساهمت تلك التدخلات السياسية وتقديم المساعدات الأمريكية في تحقيق نتائج ايجابية تعود بمرادها على الولايات المتحدة الأمريكية؟

في الحقيقة إن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر أي حرب على إحدى حلفائها في مناطق نفوذها هي حرب مباشرة عليها قبل أن تكون على تلك الدول مباشرة حتى أنها تسخر لها الدعم المطلق العسكري والمالي والسياسي على الساحة السياسية حتى يتسنى لتلك الدول تطبيق السياسات الأمريكية بحرية، وهذا ما كانت تتبعه الولايات المتحدة في العقود الماضية خصوصا مع  أكبر حليف لها في الشرق الأوسط الكيان الصهيوني وأوكرانيا وأفغانستان  باعتبار تلك الدول حلفاء لها في مناطق نفوذها ولكن من المحتمل كون سياسة الدعم الأمريكي المطلق لحلفائها خصوصا في ظل حكم الإدارة الحالية  أن تأتي بعكس ما تنوي إليه الإدارة الأمريكية وهذا يكون في ظل عدة عوامل نستند عليها:

توتر داخل الولايات المتحدة الأمريكية

● أصبحت الانقسامات تتغلغل بين الجمهوريين والديمقراطيين بين مؤيد لسياسة الدعم خصوصا الكيان الصهيوني وبين رافض لسياسة الدعم وبين رافض لسياسة الدعم بهذا الكم الكبير وبين مؤيد لمزيد من الدعم الى الان لم يكن هناك قرار رسمي بوقف المساعدات، ولكن يجب اعتبار تلك الانقسامات كعامل من احدى العوامل المهمة وأيضا وجب ذكر الدعم الأمريكي لأوكرانيا وانقسامات أيضا حول تمرير حزمة من المساعدات بين كلا من إسرائيل وأوكرانيا بجانب تايوان.

● لعل أيضا من أهم العوامل التي يمكن ذكرها هي الرأي العام العالمي بشكل عام والرأي العام الأمريكي بشكل خاص الذي أصبح ينظر بشكل جزئي للولايات المتحدة والغرب على أنهم حماة جريمة الحرب الناتجة عن الدعم الأمريكي المطلق لإسرائيل وعدم ادانة المذابح التي يقوم بها الكيان في الفلسطينيين وعدم اتخاذ أي إجراءات تدين الكيان المحتل.

● الصورة الإعلامية المضللة التي شعرت بها الشعوب في العالم بأن الغرب على رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية هم حماة السلام والأمن، ولكن في الحقيقة ظهر أنهم هم رعاة جرائم الحرب.

مخاوف محتملة

هناك في أوكرانيا الحليف المهم للغرب والولايات المتحدة الأمريكية في مواجهة مباشرة مع روسيا وبحجم المساعدات الكبيرة التي تقدمها أمريكا لأوكرانيا وبالرغم من تلك المساعدات فقد فقدت أوكرانيا 90 ألف مقاتل بين قتيل وجريح في عملية هجومها المضاد على الهجوم الروسي مما يفقد أهمية المساعدات التي قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وذهاب تلك المساعدات أدراج الرياح.

ذكرت صحيفة التايمز البريطانية أن هناك مصدرا من داخل حكومة كييف صرح بأن الرئيس (فولوديمير زيلنيسكي) يشعر بالغضب بسبب تخلي الحلفاء والولايات عن مساعدته مما يجعل السيناريوهات المستقبلية تذهب بالضغط على الرئيس الأوكراني للتخلي عن الحرب أو الاستسلام أو ما شابه ذلك من تلك السيناريوهات المحتملة مما يمثل خسارة محتملة للنفوذ الأمريكي في تلك القضية.

وفيما يتعلق بالإدارة الإسرائيلية الحالية فإنه وبرغم العلاقة القوية بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل فإنه في الآونة الأخيرة خصوصا في ظل الفترة الثانية لرئيس الوزراء (نتانياهو) شغلت مسألة ما الإدارة الأمريكية بخصوص الإصلاح القضائي في إسرائيل الأمر الذي نظر إليه البعض على أنه محاولة لتقويض الديمقراطية الإسرائيلية وهذا ما عارضته الإدارة الأمريكية، بل شددت على معالجة هذا الأمر سريعا ومع ذلك استمرت الإدارة الإسرائيلية في تطوير سياسة الإصلاح القضائي. 

اقتناص الفرص

●تتمثل السياسة الأمريكية في دعم المحتل ضغطا على القيادة حيث يذهب بالدول العربية والمسلمة لأن تقف بوجه الولايات المتحدة الأمريكية والغرب وتأخذ جانب المعسكر الشرقي الذي يتبنى دعم القضية كما رأينا الرئيس (فلاديمير بوتين) في أكثر من مرة والرئيس الصيني أيضا.

●البريكس الذي يضم دول المعسكر الشرقي وبعض الدول ذات الفاعلية الإقليمية والدولية مثل (مصر، السعودية، جنوب أفريقيا، البرازيل، الأرجنتين، إيران، إثيوبيا، الإمارات العربية المتحدة). ومن الملاحظ أن المنظمة تستهدف عضوية دول من غير دول أوروبا أو أمريكا الشمالية حينما نرى ذلك نستطيع القول إن البريكس هو بمثابة ضغط سياسي على الولايات المتحدة الأمريكية والغرب قبل أن يكون تكتل اقتصادي يسعى فيه المعسكر الشرقي لممارسة أنشطته التجارية بعيدا عن هيمنة الدولار.

خاتمة

في نهاية الحديث لا يمكن القول بأن العوامل التي تم ذكرها دليلا على ضعف النفوذ الأمريكي أن النفوذ الدولي للولايات المتحدة الأمريكية لم يعد كعهده السابق، ولكن يمكن القول في ظل تلك العوامل إذا استمرت تلك السياسة الأمريكية الداعمة بهذا الشكل خصوصا بعد اتساع الفجوة بين روسيا والغرب حيث قامت روسيا بالانسحاب من معاهدة أمنية في الأيام الماضية (معاهدة القوات المسلحة التقليدية 1990) فانه يجب التنويه الى أن العالم سيكون على مشارف حرب باردة أخرى وفي ظل عدم الاستقرار والفوضى التي ستحدث حينها ستكون الولايات المتحدة الأمريكية – وفقا لمجلة إيكونميست البريطانية– قوة عظمى مجهدة. 

Getting Info...

إرسال تعليق

Cookie Consent
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.
Oops!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت والبدء في التصفح مرة أخرى.
AdBlock Detected!
لقد اكتشفنا أنك تستخدم المكون الإضافي adblocking في متصفحك.
تُستخدم الإيرادات التي نحققها من الإعلانات لإدارة هذا الموقع ، ونطلب منك إدراج موقعنا في القائمة البيضاء في المكون الإضافي لحظر الإعلانات.
A+
A-