تداعيات الحروب والأزمات الإقليمية والعالمية على الاقتصاد المصري وعلاقتها بالهجرة الغير شرعية

على الرغم من أن العديد من المهاجرين يختارون مغادرة بلادهم الأصلية سنوياً، إلا أن عدد متزايد من المهاجرين يغادرون ديارهم قسراً.

تداعيات الحروب والأزمات الإقليمية والعالمية على الاقتصاد المصري وعلاقتها بالهجرة الغير شرعية
نسرين أنور مخلوف تكتب: تداعيات الحروب والأزمات الإقليمية والعالمية على الاقتصاد المصري وعلاقتها بالهجرة الغير شرعية

بقلم/ نسرين أنور مخلوف -طالبة بكلية السياسة والاقتصاد جامعة السويس

على الرغم من أن العديد من المهاجرين يختارون مغادرة بلادهم الأصلية سنوياً، إلا أن عدد متزايد من المهاجرين يغادرون ديارهم قسراً نتيجة مجموعة معقدة من الأسباب، بما في ذلك الحروب والفقر وعدم إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية وكذلك التعليم والغذاء..

ومن هنا نجد أبشع صور للتهجير القسري لما يحدث في غزة الآن.

نظراً لما يحدث في غزة منذ السابع من أكتوبر لهذا العام ٢٠٢٣ حتى يومنا هذا من أحداث ومشاهد مؤلمة جرّاء الحرب وما أحدثته من أسري وجرحي وقتلي وملايين من الضحايا واللاجئين والنازحين، وبعد أن باتت غزة سجنًا مفتوحًا ومقبرةً للجميع، وأصبح أشلاء الاطفال والنساء والشيوخ مشاهد اعتدنا على رؤيتها..

فإلي أين نصل الآن؟ وما المستقبل الخفي وراء تلك المجازر الشنيعة؟ فماذا ينتظرون؟ الموت أم الموت!

حيث أصبح المواطن ليس لديه أي فرصة سوي الموت أياً كانت الطريقة سواء عن طريق المجازر الشنيعة أو من خلال الهجرة الغير شرعية والالقاء بأنفسهم في البحر المظلم، فهم يودعون أراضيهم ومساكنهم الأصلية من ناحية والموت في استقبالهم من ناحية أخري. فهنا يا مرحباً بمراكب الموت من جديد، ويا آسفاه على شباب أهلكتها وحاصرتها طرق الموت المختلف

فهناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلي زيادة تدفق المهاجرين الغير شرعيين من مصر إلى الدول الأوروبية، فمنها على سبيل المثال لا الحصر

1- الحرب على غزة.

2- الحرب الروسية الأوكرانية.

3- أزمة السودان.

4- الأزمة الاقتصادية المصرية.

مصر ضحية للحرب في غزة

علي الرغم من أن اندلاع الحرب في غزة لم يمر عليها وقت طويل إلا أن تأثير هذه الحرب امتدت بصورة مباشرة وسريعة على الاقتصاد العالمي واقتصاد منطقة الشرق الأوسط.

فقد تضررت إمدادات الغاز العالمي، كما انخفض أسعار أسهم الشركات خلال فترة الصراع الممتدة حتى الآن، كما زاد الطلب علي الذهب بشكل كبير باعتباره ملاذ آمن في أوقات الازمات الاقتصادية.

التصعيد في حرب غزة يهدد السياحة المصرية

 نجد أن الخسائر المباشرة على مصر من تأثير الحرب بدأ بفقدان السياحة الإسرائيلية وهي نسبة ليست بقليلة حيث نجد أنه بالفعل بعد اشتعال نيران الحرب بين قطاع غزة وإسرائيل، بدأت منتجعات سياحية مصرية في سيناء بفقد إيرادات، حيث هرع السائحون الإسرائيليون لمغادرة البلاد وبالتالي فقدت مصر عنصر مهم وهو إيرادها من السياحة.

فمصر تعتبر دولة ذات موقع استراتيجي، جاذب للسياح فقد بلغ عدد السائحين الإسرائيليين الوافدين إلى مصر بنهاية عام 2020 نحو 735 ألف سائح، أغلبهم يدخل الي البلاد عبر معبر طابا البري وفق احصائيات إسرائيلية رسمية أوردتها شبكة " بي بي سي البريطانية ".

وارتفعت إيرادات مصر السياحية خلال العام المالي 2020-2023 بنسبة 26,8% على أساس سنوي.

وأكد البنك المركزي المصري أن إيرادات قطاع السياحة خلال السنة المالية لعام 2022-2023 ارتفعت الي 13,6 مليار دولار خلال العام المالي الماضي مقارنه بنحو 10,7 مليار دولار في العام المالي السابق عليه. وأوضح البنك المركزي أن زيادة إيرادات السياحة ترجع إلى ارتفاع عدد الليالي السياحية بمعدل 27,6% الي نحو 146,1 مليون ليلة، وعدد السائحين الوافدين الي مصر نحو 13,9 مليون سائح. لذلك نجد أن الحرب على قطاع غزة أثرت بالسلب على الاقتصاد المصري خاصةً والاقتصاد العالمي عامةً.

وكذلك آثرت الحرب على قطاع غزة في ارتفاع أسعار النفط الذي تستورده مصر من اسرائيل لتلبية احتياجاتها من الوقود.

فقد قال "نشأت الديهي" في برنامج بالورقة والقلم أن مصر تستورد الغاز من إسرائيل وتقوم بعملية الإسالة، ثم تقوم باستهلاك جزء منه وتصدر الفائض إلى الخارج، كما أن تل أبيب قامت بإغلاق أحد الحقول التي تصدر الغاز الطبيعي لمصر بسبب الخوف على الحقل من الناحية الأمنية وهذا أثر بالسلب على مصر. وحذر البنك الدولي من أن أسعار النفط قد تأخذ في الارتفاع إذا استمر الصراع أو تصاعد في الشرق الأوسط إلى أكثر من 150 دولار للبرميل. وقال في أسوأ السيناريوهات أن أسعار النفط قد ترتفع ما بين 140 و175 دولار للبرميل.

كما أن الخبير الاقتصادي "مدحت نافع " أكد أن حركة الملاحة والتجارة ستتأثر بحرب غزة، موضحاً أن التجارة بين مصر وإسرائيل كبيرة وكان من المتوقع أن تتضاعف خلال الأعوام المقبلة.

فقد توالت على مصر العديد من الأحداث التي أثرت على اقتصادها، فمصر أوشكت أن تتعافي من حرب روسيا وأوكرانيا إلا أنها وجدت نفسها عالقة في أحداث غزة وصراعها مع إسرائيل.

فالحرب الروسية الأوكرانية وكذلك الحرب على غزة أثرت بالسلب على الاقتصاد العالمي، وخاصة مصر حيث أنها جزء من العالم وأي اضطراب عالمي يؤثر عليها بشكل أو بآخر، نظراً للارتباط الوثيق بين سلاسل الإمداد والتوريد.

في 24 فبراير 2022 تعرض العالم لحدث جديد، كان بمثابة الشرارة التي اخترقت اقتصاد الدول.

فبالرغم من أن سبب الحرب أمني واستراتيجي إلا أنه له آثار اقتصادية ليس على روسيا وأوكرانيا فحسب بل على دول أخري، بسبب تشابك العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري بين الدول.

أي أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا لم تكن إقليمية تقتصر على أطراف النزاع فقط، بل امتدت لتشمل كل دول العالم منها مصر.

ويعد اقتصاد مصر مثالًا على آثار هذه الحرب، فقد دفع الاقتصاد المصري فاتورة الحرب الروسية الأوكرانية سواء في مجال الطاقة أو الغذاء أو السياحة، وهذا يدل على تأثير روسيا وأوكرانيا الكبير فإذا نظرنا إلى روسيا سنجد أنها أكبر مصدر للقمح في العالم، وأكبر منتج للعالم بعد الصين والهند، وثالث اكبر منتج للنفط ، وثاني أكبر مصدر للنفط.

أما أوكرانيا فهي خامس أكبر مصدر للقمح. وتعتمد الكثير من الدول على الموارد الغذائية والطاقة المستوردة من روسيا وأوكرانيا ويمثلون معاً 30% من الصادرات العالمية من القمح و20% من الذرة والأسمدة والغاز الطبيعي و11% للنفط، وبالتالي اثرت الحرب على ارتفاع الأسعار العالمية خاصة النفط والغاز الطبيعي والقمح وهكذا تأثر اقتصاد مصر التي تستورد حوالي 80% من وارداتها من القمح من الدولتين.

وبلغ متوسط قيمة واردات مصر من روسيا وأوكرانيا 5,8 مليار دولار خلال الفترة من 2016-2020 اي 8,1% من إجمالي الواردات، وأكبر نسبة من الواردات تعود إلى الحبوب بنسبة 65% من روسيا و75% من أوكرانيا للخشب والحديد.

وكذلك تضررت مصر من الحرب الروسية الأوكرانية نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار القمح الذي يعد الغذاء الأساسي لحوالي 104 مليون مصري، حيث ارتفع سعر القمح الأمريكي من 390 إلى 510 دولار في ابريل 2022 خاصة مع تراجع الجنية المصري مقابل الدولار الأمريكي.

وعلي صعيد الطاقة فسببت الأزمة الروسية الأوكرانية بارتفاع اسعاره، فكان سعر اوبك 63,24 دولار في ابريل 2021، والجدير بالذكر أن أسعار الطاقة كانت بالفعل مرتفعة قبل الأزمة بسبب زيادة الطلب بعد التعافي من جائحة كورونا. وعلي جانب السياحة فقد بلغ عدد السياح الوافدين من روسيا وأوكرانيا 31% من إجمالي السياح وبالتالي تأثرت هذه النسبة بسبب إغلاق المجال الجوي الأوكراني وحظر الطيران في الأجواء الروسية والذي أدي الي إلغاء مئات الحجوزات الوافدة من مصر.

وأدت هذه الحرب الي عودة الكثير من المصريين المقيمين في اوكرانيا الي مصر والذي بلغ عددهم حوالي 6000 مصري؛ مما أثر على الموارد المتاحة التي في الأصل تعاني البلد من زيادة في سعرها كالقمح ، كما اثر علي نسبة البطالة حيث كانت قبل الازمه أقل من 7% وازدادت بعد الأزمة الي 8% ، وسبب زياده معدل التضخم نتيجة الاسعار وتدني مستوي الأجور. فبالتالي نجد أن مصر واقتصادها تأثر سلباً؛ نتيجة الأزمة الروسية الأوكرانية مما وضعت مصر في مأزق يحتاج الي مدي زمني طويل الأجل للخروج منه.

تأثير الأزمة السودانية على الاقتصاد المصري

فقد ظهر معها تداعيات اقتصادية كبيرة يعاني منها الاقتصاد السوداني، وبعض تلك الانعكاسات امتدت لتشمل بعض دول الجوار التي تربطها علاقات قوية معها مثل مصر.

فنجد أنه نتيجة العلاقة الوطيدة بين مصر والسودان أن مصر تعتمد بشكل كبير في تأمين غذائها على السودان، حيث أنها تستورد عدد كبير من السلع والمنتجات على رأسها الحيوانات الحية والسمسم والقطن وغيرها من السلع وكذلك تصدر مصر إليها العديد من المنتجات كاملة الصنع اهمها الكيماويات والموارد الغذائية والسكر والآلات والمعدات.

إذن هناك علاقة تأثير وتأثر بين البلدين فأي اضطراب يحدث في أحدهما فيؤثر على الاخر بشكل كبير.

فنجد أنه بسبب أزمة السودان فقد تضررت حركة التجارة بين مصر والسودان وخاصةً مع تضرر المعابر والمنافذ والموانئ السودانية، مما نتج عنه عده اثار سلبية على الاقتصاد المصري تمثلت في نقص اللحوم والحبوب وارتفاع أسعارها الذي تعاني منه مصر نتيجة اثار الحرب الروسية على أوكرانيا.

وازداد الوضع سوءاً كون أن السودان تعتبر مورداً رئيسياً للمواشي واللحوم الحية وهي أحدي السلع الاستراتيجية لمصر، حيث تمد السودان مصر من 10 الي 13 % من احتياجاتها من هذه السلع، حيث تعتبر اللحوم السودانية هي البديل المفضل للمصريين أو لأغلب الفئة المصرية وذلك لاعتدال اسعارها مقارنهً بالأسعار المحلية.

إذن نجد أن أزمة السودان اثرت بشكل كبير على اقتصاد مصر ووضعتها في مأزق صعب الخروج منه أو وجود بديل بشكل سريع.

الأزمات الاقتصادية وعلاقتها بالهجرة الغير شرعية

علي الرغم من أن العديد من المهاجرين يختارون مغادرة بلادهم الأصلية سنوياً، إلا أن عدد متزايد من المهاجرين يغادرون ديارهم قسراً نتيجة مجموعة معقدة من الأسباب، بما في ذلك الحروب والفقر وعدم إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية وكذلك التعليم والغذاء..

تعد ظاهرة الهجرة الغير شرعية ظاهرة عالمية موجودة في الدول المتقدمة والدول النامية، حيث في ظل الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد، أصبحت الهجرة لا تتوقف فقط علي الشباب بل امتدت لتشمل عائلة بأكملها من أطفال ونساء.

ونظراً لكون مصر من الدول التي تعاني من ظاهرة الهجرة الغير شرعية لكونها دولة مصدرة ومستقبلة للمهاجرين الغير شرعيين فهي تعتبر دولة معبر. فقد تعرضت مصر لموجات متزايدة من الهجرة الغير شرعية وذلك نتيجة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والحروب الأهلية في القارة الأفريقية وكذلك الازمات الاقتصادية التي تم ذكرها آنفاً.

حيث يمر الاقتصاد المصري بأزمة اقتصادية كبيرة فانخفضت العملة، وانخفض المعروض من العملات الأجنبية وارتفعت تكاليف المعيشة وزادت نسبة التضخم اي الزيادة المستمرة في المستوي العام للأسعار. فمن هنا أصبح المواطن يشعر بالضيق والأسف تجاه دولته وبدأ يخطط للعمل بالخارج لتحسين ظروف حياته وأصبحت الأسر مشجعة لأبنائها شباب وبنات على الهجرة لأي سبب من الأسباب سواء للبحث عن قوت يومه أو للتعليم أو للبحث عن فرصة عمل مجزية؛ مما أثر بالسلب علي دولة المواطن الأصلية  وأدي إلى هجرة العقول المفكرة، وهجرة الأيدي العاملة، وهجرة الأطباء للخارج، بالإضافة إلي أنه بسبب تلك الأزمات والحرب جعلت عوائل تخرج بأكملها تملك رأس المال للاستثمار في أحد الدول الأجنبية أو العربية بحثاً عن الأمان، وكل هذا يؤثر بالسلب على اقتصاد البلاد وعلي جميع قطاعاتها.

نظرًا للظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، تشهد أوروبا زيادة في عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين يعبرون البحر المتوسط من الشمال الإفريقي. ويعد البحر المتوسط مسارًا خطيرًا للهجرة، حيث يفقد العديد من الشباب حياتهم فيه. وتعد مصر واحدة من الدول المصدرة للمهاجرين غير الشرعيين، نتيجة للأزمات الاقتصادية والسياسية التي تواجهها. وفقًا لبعض التقارير، ارتفع عدد المصريين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا عن طريق البحر المتوسط بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة. ويدعي بعضهم أنهم قدموا من ليبيا، وليس من مصر. وقد أثرت الظروف الاقتصادية السيئة في مصر، مثل انخفاض قيمة العملة. وتشير البيانات الرسمية إلى أن المصريين يشكلون نسبة كبيرة من المهاجرين الذين يصلون إلى إيطاليا عن طريق البحر. ويتوقع أن تستمر هذه الظاهرة في المستقبل القريب، ما لم تتحسن الأوضاع في مصر والمنطقة.

وبالتالي، شكل المصريون ١٨% من عمليات الإنزال خلال هذه الفترة.. وبحسب البيانات التي نشرتها مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR) فإن المواطنين المصريين يمثلون نسبة كبيرة من الوافدين عن طريق البحر إلى إيطاليا منذ أغسطس ٢٠٢١.

المراجع

·      منال هاني،الحرب الروسية على أوكرانيا وأثرها على الاقتصاد العالمي: الواقع والدروس المستفادة، مجلة معهد العلوم الاقتصادية (جامعة محمد خيضر)، مجلد ٢٥، ع٢، ٢٠٢٢

·      غادة رياض عمارة،تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد المصري، المجلة الاجتماعية القومية (المجلد ٥٩، ع٣، سبتمبر ٢٠٢٢.

·      عيد رشاد عبد القادر،الآثار المتوقعة الأزمة الروسية الأوكرانية على الاقتصاد المصري، المجلة العلمية للاقتصاد والتجارة (كلية التجارة عين شمس)، يوليو ٢٠٢٢ .

Getting Info...

إرسال تعليق

Cookie Consent
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.
Oops!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت والبدء في التصفح مرة أخرى.
AdBlock Detected!
لقد اكتشفنا أنك تستخدم المكون الإضافي adblocking في متصفحك.
تُستخدم الإيرادات التي نحققها من الإعلانات لإدارة هذا الموقع ، ونطلب منك إدراج موقعنا في القائمة البيضاء في المكون الإضافي لحظر الإعلانات.
A+
A-