العلاقات الأمريكية الإسرائيلية في ضوء الحرب على غزة

استطاعت واشنطن استغلال تلك الحرب في التغلغل أكثر في المنطقة وإرساء قواعد أكبر واستخدام الكيان الصهيوني لاعبها الأساسي فالمنطقة لبلبلة الوضع الإقليمي.

 

العلاقات الأمريكية الإسرائيلية في ضوء الحرب على غزة
محمود سامح همام يكتب: العلاقات الأمريكية الإسرائيلية في ضوء الحرب على غزة

بقلم/ محمود سامح همام 

مقدمة

بتاريخ ٨ ديسمبر ٢٠٢٣، فشل مجلس الأمن الدولي في تمرير مشروع قرار وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وذلك بعد استخدام الولايات المتحدة الأمريكية (حق  الفيتو) ضد القرار، وتلك المرة ال (٧٩) التي تستخدم فيها واشنطن الفيتو وكان منها (٤٥) مرة استخدمتهم لحماية دولة الاحتلال، بالإضافة إلى استخدامه خمس مرات منذ بداية الحرب قي غزة في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، ليصل بذلك إجمالي عدد المرات التي استخدمت أمريكا فيها حق الفيتو لحماية الكيان الصهيوني (٥٠) مرة، ذلك يظهر لنا مدى الدعم الصارخ من واشنطن لنتنياهو وسياسته الدموية.

ومن هنا يمكننا أن نسلط الضوء على سؤال يكمن في لماذا يعتبر الكيان الصهيوني الولاية ال ٥١ لأمريكا في منطقة الشرق الأوسط؟، وذلك السؤال يحمل في باطنه عدة أسئلة في طياتها إجابة سؤالنا الرئيسي.

صناعة بؤرة لإدراج الكيان الصهيوني

• في البداية قامت وزارة الخارجية الأمريكية بإقامة تصنيفات لمناطق العالم المختلفة خاصة في أفريقيا وأوروبا والعالم العربي، فقد ذكر تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية في الستينات أن الشرق الأوسط هو المنطقة الممتدة من المغرب في شمال أفريقيا غرباً إلى باكستان على الحدود الغربية للهند شرقاً ومن تركيا شمالاً إلى السودان والقرن الأفريقي جنوباً وكان الهدف من ذلك هو محاولة إدراج الكيان الصهيوني في تلك المنطقة، حتى يكون الكيان الصهيوني لاعب أساسي في أي مبادرات تخص الشرق الأوسط.

بينما كانت الولايات المتحدة الامريكية أول دولة تعترف بإسرائيل كدولة مستقلة في 14 مايو 1948 بعد تخلي بريطانيا عنها وتصادم المصالح فيما بينهما، وإصدار الرئيس هاري ترومان بيان اعتراف عقب إعلان إسرائيل الاستقلال في نفس التاريخ. وتم تأسيس العلاقات الدبلوماسية عندما قدم السفير الأمريكي جيمس غروفر ماكدونالد أوراق اعتماده في 28 مارس 1949، ومنذ ذلك الحين، أصبحت اسرائيل، ولا تزال، أهم شريك لأمريكا في الشرق الأوسط، فضلًا عن المصالح المشتركة بينهما.

 القاعدة الأقوى لواشنطن في العالم

• منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بدأت الولايات المتحدة الامريكية في نشر قواتها في عدة مناطق حول العالم على غرار الحرب الأيدولوجية والعسكرية بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي القرن الماضي فترة الحرب الباردة، وذلك عن طريق إنشاء القواعد العسكرية، وتلك القواعد بمثابة آليات قوية لحرب استطلاعية، وحبذا التأثير على الأحداث في الخارج، كما أنها تستخدم كمناطق تجمع عسكرية ومناطق للدعم اللوجستي والاتصالات والدعم الاستخبارتي نظرًا للموقع الجغرافي الأمريكي البعيد نسبياً عن قارات العالم الثلاثة.

• تمتلك الولايات المتحدة الأمريكية أكبر عدد من القواعد العسكرية الخارجية في العالم، وتستخدمها كورقة للردع وأحيانا ورقة للهجوم، حيث تمتلك أكثر من ٨٠٠ قاعدة حول العالم في ٧٠ منطقة، وتتوزع تلك القواعد في ١٥٠ دولة فالعالم، ولعل أهم قواعدها العسكرية الخارجية الأمريكية هي القاعدة المشتركة مع الكيان الصهيوني في تل أبيب والتي تم الاتفاق عليها في يناير ٢٠١٧ بين الرئيس دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو قبيل لقاءهم في نيويورك وهى الأولى من نوعها بين الدولتين، وتلك كانت رسالة واضحة للمنطقة على زيادة النفوذ الأمريكي وعلاقتها الحميمة مع تل أبيب.

• وفي حقيقة الأمر أن سبب تناولنا للقواعد العسكرية الأمريكية والقاعدة المشتركة مع دولة الاحتلال هو تزايد المساعدات العسكرية بشكل مبالغ فيه من قبل واشنطن، حيث قامت بإرسال حوالي ٢٠٠ رطل من القنابل الخارقة منذ السابع من أكتوبر في حرب غزة، كما قدمت واشنطن ١٠٠ قنبلة من طراز بلو ١٠٩ و هى قنابل تهدف إلى اختراق الهياكل المحصنة قبل أن تنفجر، وتحمل القنبلة رأسًا حربية يصل إلى أكثر من ٩٠٠ كيلوغرام، وهذا ليس النوع الوحيد من الذي قدمته الولايات المتحدة لدولة الاحتلال في حرب غزة، إذ قالت وزارة الدفاع للكيان الصهيوني في تغريدة لها على أحد مواقع التواصل الاجتماعي أنها استلمت منذ بداية الحرب أكثر من عشرة آلاف طن من الأسلحة والمعدات الأمريكية، ولا نستطيع أن ننكر إرسال أمريكا أكبر حاملة طائرات أمريكا وأكثرها تقدماً بعد طوفان الأقصى مباشرة ألا وهي يو أس أس جيرالد آر فورد ( (cvn-78، وذلك بحسب وزارة الدفاع الأمريكية لردع أي توسع إقليمي للصراع.

• استكمالاً، استطاعت واشنطن استغلال تلك الحرب في التغلغل أكثر في المنطقة وإرساء قواعد أكبر واستخدام الكيان الصهيوني لاعبها الأساسي فالمنطقة لبلبلة الوضع الإقليمي كما هو الحال منذ عشرات العقود، ولكن الأمر يختلف في الأونة الأخيرة فأمريكا تريد الربح بورقة الكيان الصهيوني أمام الخطر الإيراني المتشعب في معظم دول الجزيرة العربية واستراتيجة الحرب بالوكالة التي يقوم بها ضد واشنطن ومصالحها، وبالطبع الخطر اليمني الحوثي الذي يقومون بضربات مباشرة وصارخة تجاه القواعد الأمريكية وولايتها فالمنطقة. (الكيان الصهيوني) وإعلانها الحرب علناً ضدها على نقيض الجانب الإيراني الذي يكتفي بالتهديدات والإدانات فقط ضد أمريكا وحليفتها. وأطراف أخرى تقوم بهجمات بالوكالة عن السياسة الإيرانية على سبيل المثال حزب الله في لبنان وغيره.

•ومن الحقائق التاريخية للدعم الأمريكي للكيان الصهيوني، أن أمريكا أرسلت أسطولها لمساندة لدولة الاحتلال في حروبها 4 مرات تقريبا الأولى عام 1948 والثانية فى ‏‏1967 وشاركت بشكل مباشر فى تقديم خدمات التجسس والاشتباك، ثم فى عام 1973 وعام ‏‏1982.‏ وصلت قيمة المساعدات الأمريكية إلى حوالي 300 مليار دولار. الكيان الصهيوني دائما ما تكون أول دولة تحصل على التكنولوجيا الحديثة الخاصة بالأسلحة، وهي أول ‏دولة تحصل على طائرات "إف 35" الشبحية.‏

خاتمة

ختاماً، يمكن القول بأن هناك وضع صورة واضحة حول مدى تبعية الكيان الصهيوني للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. ويعتبر هذا الموضوع مثار جدل وتحليل سياسي مستمر، ومن المهم تقييمه بعناية ونقد بناء.

وتاريخ العلاقة بين دولة الاحتلال والولايات المتحدة يشهد على وجود علاقة استراتيجية وثيقة بين البلدين، وتشمل التعاون الأمني والعسكري المكثف، وكذا الاقتصادي والسياسي. تاريخيًا، قدمت الولايات المتحدة دعمًا قويًا للكيان الصهيوني في العديد من القضايا، وتعتبر تل أبيب حليفاً استراتيجياً للولايات المتحدة في المنطقة.

ومع ذلك، يجب التنويه إلى أن الكيان الصهيوني لديه أجندة ومصالحه الوطنية الخاصة، ويتخذ قراراته السياسية وفقًا لهذه المصالح. على الرغم من أن الولايات المتحدة قد تؤثر في صنع القرارات في المنطقة، إلا أن دولة الاحتلال تتمتع بالقدرة على صياغة سياستها الخارجية الخاصة واتخاذ القرارات المستقلة.

ومن المهم أن نعترف بتعقيد العلاقة بين البلدين، حيث تتأثر بالعديد من العوامل السياسية والاقتصادية والاستراتيجية. يجب أن يكون لدينا نظرة شاملة ومتوازنة للواقع السياسي في المنطقة والمصالح المشتركة والمتنازع عليها بين البلدين.

بصفة عامة، يجب أن ندرك أن العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة تتطور وتتغير على مر الزمن، وتتأثر بالعديد من العوامل المتنوعة. لذلك، ينبغي أن نكون على علم بشأن طبيعة هذه العلاقة وتصنيف الصهيونية كأداة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط طيلة العقود الماضية منذ نشأة ذلك الكيان.

Getting Info...

إرسال تعليق

Cookie Consent
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.
Oops!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت والبدء في التصفح مرة أخرى.
AdBlock Detected!
لقد اكتشفنا أنك تستخدم المكون الإضافي adblocking في متصفحك.
تُستخدم الإيرادات التي نحققها من الإعلانات لإدارة هذا الموقع ، ونطلب منك إدراج موقعنا في القائمة البيضاء في المكون الإضافي لحظر الإعلانات.
A+
A-