تكساس كقطعة دومينو

 


تكساس كطقعة دومينو
إبراهيم طنطاوي يكتب: تكساس كطقعة دومينو


بقلم/ إبراهيم طنطاوي *طالب بكلية السياسة والاقتصاد جامعة السويس، رئيس قسم رصد كلتشرز


مقدمة

في الفترة القليلة الماضية وضع حاكم ولاية تكساس (جريج أبوت) أسلاك شائكة حول حدود ولاية تكساس الأمريكية لمنع تدفق مهاجرين الجنوب ووجه اتهام إلى إدارة (بايدن) التي فشلت في حل الأزمة، وحكمت المحكمة الفيدرالية العليا بإزالة الأسلاك الشائكة ورفض الحاكم تنفيذ هذا القرار، ووقعت 25 ولاية على بيان دعم لإجراءات الولاية ومما يثير الأمر محاولات ولاية تكساس أكثر من مرة الانفصال سابقا وظهرت عدة حركات تطالب بانفصال تكساس عن الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي هذا السياق، نستطيع طرح عدة أسئلة مهمة هل من الممكن أن يتحقق انفصال ولاية تكساس في بدايات عام ٢٠٢٤؟ هل سيؤدي الانفصال لمطالبة ولايات أمريكية أخرى بالانفصال؟ وعلى المدى البعيد هل ستنهار الولايات المتحدة من خلال تلك الاضطرابات الداخلية في حال تحقق انفصال ولاية تكساس؟

انضمام تكساس للاتحاد الفيدرالي الأمريكي

انفصلت تكساس عن دولة المكسيك في 1835 وصاحب الانفصال عدة معارك كان آخرها انتصار ساحق لقوات تكساس وانتهت بتوقيع معاهدة فيلاسكو 1836 والتي أصبحت تكساس جمهورية بموجبها، واعترفت بها دول كبرى مثل بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وكان (سام هيوستن) أول رئيس لها، ظلت على هذا الحال حتى 1845 وانضمت تكساس للاتحاد الفيدرالي بالرغم من معارضات داخل أمريكا وداخل الولاية وداخل المكسيك.

تكساس ومحاولات الانفصال

على مر التاريخ تعتبر ولاية تكساس ولاية متمردة منذ انفصالها عن المكسيك وانضمامها للولايات المتحدة، بدأت أولى محاولات الانفصال في أعقاب انتخاب أبراهام لينكون وإلغاء العبودية وقيام الحرب الأهلية الأمريكية 1861 بين كونفدرالية الشمال وكونفدرالية الجنوب والتي كانت تكساس منها بجانب 10 ولايات أخرى وانهزمت الكونفدرالية الجنوبية وعادت تكساس ولاية أمريكية مرة أخرى في 1870. وبالرغم من ذلك لم تنته الهوية ولاية "تكساس" التي شعر أهلها بأنهم مختلفون عن باقي الولايات، وفي التسعينيات زعمت مجموعة تسمى (جمهورية تكساس) أن الولاية تم ضمها للاتحاد بشكل غير قانوني ولابد من استقلالها وتصعد الأمر ليكون مواجهة حادة بين الحركة والشرطة انتهت باعتقال زعيم الحركة. وفي 2005 شكّل (دانييل ميلر) حركة "تكساس القومية"؛ بهدف تعزيز انفصال تكساس سلميًا وقال بأن تكساس هي أمة بلا دولة ويؤيدها الكثيرون من الأفراد وأشخاص داخل الحزب الجمهوري وفي 2022 أيد الحزب الجمهوري رسميا فكرة الانفصال وطالب بإصدار قانون يؤكد حق الولاية في الانفصال.

ولاية تكساس.. ولاية كقطعة دومينو

ظهرت فكرة الدومينو لأول مرة في 1954 في مثال يعبر عن سقوط أول حجر الدومينو ثم الذي يليه وهكذا لآخر حجر دومينو، وفي مثالنا تطبيق على ولاية تكساس البداية الأولى للانفصال وفي الحقيقة أنها لن تتوقف على انفصال تكساس وحسب، بل من الممكن أن يؤدي هذا الخروج لنفس الأمر بالنسبة للولايات الأخرى. ولما رفض حاكم الولاية تنفيذ أمر المحكمة العليا، بل إطاعة الحرس الوطني للولاية لهذا الحاكم هذا من شأنه أن يظهر لنا تماسك الولاية ضد السلطات العليا في البلاد. وبالرغم من أن الدستور الأمريكي لم يمنع حق الانفصال ولكن بناء على حكم قضائي في قضية وايت-تكساس صدر الحكم بعدم جواز انفصال أي ولاية عن الاتحاد وفي هذا اختلاف قانوني حيث يذهب مؤيدي الانفصال إلى المادة الأولى القسم العاشر بعنوان جميع المحظورات على الولايات لم يندرج تحتها منع انفصال الولايات، ومن هذا الأمر، ومع التوترات الحالية يتكهن البعض بأن الولاية تطمح للانفصال بعد أن أصبح الاقتصاد الأمريكي في انحدار بجانب شعور أبناء الولاية بالانتماء لهوية تختلف عن الهوية الأمريكية فأصبحت السيناريوهات تؤول إلى انفصال الولاية وأنه لم يكن هناك مؤشرات دقيقة على هذا الأمر.

في الحقيقة إن الإجراءات التي اتخذتها ولاية تكساس -كما ذكرنا- قام بدعمها 25 ولاية أخرى منهم من انفصل عن الاتحاد في الحرب الأهلية 1861 بجانب تكساس (لويزيانا-فلوريدا- جورجيا- ألاباما- كارولينا الجنوبية-مسيسيبي- تينيسي- أركنساس- فيرجينيا) وعند هذا الأمر هناك سؤال هام هل كان هذا الدعم حنين إلى ذكريات الماضي؟ ولكن لن تكون الإجابة نعم بشكل قاطع، فهناك 25 ولاية بجانب هؤلاء وهناك ولايات انفصلت في السابق ولم تعلق على هذا الأمر.

خاتمة

في النهاية إن كان الانفصال يعد خروجًا عن القانون طبقا للحكم القضائي وليس الدستور، فإن انفصال تكساس يعد خروجًا عن سيطرة وسيادة الإدارة الأمريكية التي سينظر لها من منظور الإدارة الهشة فإن ولاية من إحدى ولايتها خرجت عن قانونها الفيدرالي ووقفت مكتوفة الأيدي- وإن كان الكثير لا يرى هذا الانفصال إلا بعد حالة حرب؛ مما يشجع الولايات الأخرى للانفصال خصوصًا إذا رأت سياستها متوافقة لذلك خصوصًا بعد  الخسارة الاقتصادية الكبيرة التي تتعرض لها الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة انفصال ولاية اقتصادية كبرى بحجم ولاية تكساس.

المصادر

https://bit.ly/3Sgct2K 

https://bit.ly/3u6pq7n 

https://bit.ly/49ebJlr 

https://bit.ly/4bgpthB 

https://bit.ly/3HGqC4p 

المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق