عملية طوفان الأقصى وجوهرية القضية الفلسطينية

تعد عملية طوفان الأقصى من المراحل القليلة الفاصلة في القضية الفلسطينية، لما لها من أبعاد جديدة أعادت التذكير بالقضية الأهم للشعوب العربية.

 

عملية طوفان الأقصى وجوهرية القضية الفلسطينية
باسم أيمن يكتب: عملية طوفان الأقصى وجوهرية القضية الفلسطينية

بقلم/ باسم أيمن - طالب في المستوى الثالث كلية السياسة والاقتصاد جامعة السويس

تعد عملية طوفان الأقصى من المراحل القليلة الفاصلة في القضية الفلسطينية، لما لها من أبعاد جديدة أعادت التذكير بالقضية الأهم للشعوب العربية في الوقت الراهن، وأثبتت قدرة المقاومة الفلسطينية على مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وردع عمليات الاعتداء المستمرة من قبل الكيان الصهيوني.

فقد شنت كتائب القسام "الجناح العسكري لحركة حماس" في السابع من أكتوبر عملية طوفان الأقصى ضد إسرائيل، وتضمنت العملية العسكرية أن يتسلل عدداً من جنود كتائب القسام داخل المستوطنات الإسرائيلية، وقتل وأسر أكبر عدد من الجنود والضباط الإسرائيليين، وقد شملت العملية أيضاً أسر عدد من المواطنين الإسرائيليين، وقد بدأت عملية طوفان الأقصى بإطلاق عدد كبير جداً من الصواريخ تجاه المستوطنات الإسرائيلية وتل أبيب، وتضمنت العملية أيضاً اختراق بري وجوي للمستوطنات الإسرائيلية، ومباغتة القواعد العسكرية الموجودة في محيط غلاف غزة، وقد تمكنت قوات المقاومة من أسر عدد كبير من الجنود الإسرائيليين وعدد من الضباط الإسرائيليين من المستوى الرفيع، في المقابل أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحرب على المقاومة الفلسطينية فيما وصف هذه العملية "بالسيوف الحديدية".

وتختلف عملية طوفان الأقصى اختلافاً كبيراً عن غيرها من المواجهات التي شنتها المقاومة الفلسطينية على الاحتلال الإسرائيلي، نرصدها في النقاط التالية:

● تغير جوهر المقاومة:

تعتبر عملية طوفان الأقصى نقلة جديدة في تاريخ المقاومة الفلسطينية، فقد تحولت معها ساحة المعركة من الداخل الفلسطيني إلى الداخل الإسرائيلي، حيث قامت كتائب القسام بنقل قواعد الاشتباكات إلي داخل الأراضي الخاضعة للاحتلال، وذلك عكس المواجهات السابقة التي قامت بين الطرفين، والتي كانت تقع دائماً داخل قطاع غزة.

كما أن هناك تغيراً جوهرياً آخر في عملية طوفان الأقصى تتمثل في الطرف المحدد لزمن الحرب، وصاحب قرار المبادرة بالحرب، فكانت إسرائيل في الوقت السابق هي المحددة للوقت الذي تتم فيه عمليات الاشتباك مع المقاومة، كما كانت إسرائيل هي المبادرة بقرار الحرب والاشتباك مع المقاومة الفلسطينية، ولكن في هذه العملية تغيرت هذه القواعد، حيث كانت لكتائب القسام الأولوية لتحديد الزمن التي تشن فيه القتال، والموعد الذي تراه لبداية الحرب.

حجم النتائج:

بالرغم من الدعم الغربي الكبير للاحتلال الإسرائيلي سواء على مستوى الدعم العسكري وبرامج الأسلحة المتطورة، والدعم "الزخم" الإعلامي، إلا أن المقاومة الفلسطينية استطاعت تحقيق مكاسب نوعية كبيرة جدا، حيث تمكنت كتائب القسام من اختراق سياج الدفاع الأول في إسرائيل، ونقل المعركة إلي داخل العمق الإسرائيلي؛ وذلك مكنها من تحقيق مكاسب كبيرة، أهمها التشكيك في قدرة جهاز الدفاع الإسرائيلي على صد الهجمات الأخرى التي قد تشنها المقاومة الفلسطينية. وقد تعرض هذا الجهاز للانهيار في حالة أن توسعت الحرب سواء من جانب حزب الله اللبناني، أو من جانب إيران عن طريق المليشيات الموجودة في سوريا ولبنان والأردن، وهذا ما دفع بعض الكتاب الإسرائيليين لوصف عملية طوفان الأقصى "بالصدمة والكابوس الكبير معاً الذي أرعب بلدًا بأكمله".

في بداية الحرب تمكنت إسرائيل من الحصول على تعاطف ودعم بعض الدول على الصعيد الدولي؛ وذلك من خلال استخدامها وسائل الإعلام الغربية الداعمة لها في تهويل وتضخيم حجم عملية طوفان الأقصى، وذلك عن طريق نشر الصور والفيديوهات التي تبين الدمار في البنية التحتية الناتج عن العملية، ونشر جثث الموتى، والمبالغة في أرقام الموتى والمصابين، واستخدمت هذه المعطيات كمبرر لاجتياحها قطاع غزة.

وقد بلغ عدد القتلى الإسرائيليين منذ أن بدأت عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 1538 قتيل، إضافة إلى 5431 من المصابين.

في حين وصل عدد الشهداء الفلسطينيين إلى 8306 شهيداً منذ بدأ القتال في السابع من أكتوبر، ولم تقف الخسائر في الجانب الفلسطيني عند هذا الحد، فمنذ إعلان الاحتلال الحرب على المقاومة وهناك تركيز واضح من جانب الجيش الإسرائيلي على تدمير كافة موارد الحياة بالنسبة للقطاع. فقد ركز هجماته على القطاع الخدماتي، من تدمير للمستشفيات والمدارس والطرق، وقطع كافة وسائل المعيشة عن القطاع، كل ذلك تحت خطة تصفية قطاع غزة.

وكشفت بعض الصحف عن عِلم إسرائيل بمخطط المقاومة الفلسطينية، وأن إسرائيل قامت بفتح المجال أمام قوات حماس للدخول إلى المستوطنات؛ حتى تكون ذريعة يتخذها الاحتلال حجة لدخوله القطاع وتصفية المقاومة وتهجير الفلسطينيين والاستيلاء على الأرض. وعلى الرغم من أن هذا الاحتمال له حجيته التي يرتقى بها إلا أن هذه الحجية ضعيفة نوعاً ما؛ وذلك لان إسرائيل لن تسمح لقوات حماس أن تأسر عدد من المواطنين الإسرائيليين والجنود، واستخدامهم كسلاح فيما بعد، لأن هذا بالطبع يضع ضغوطاً كبيرة على الحكومة الإسرائيلية من قِبل أسر المفقودين والمجتمع الإسرائيلي، باعتبار أن الحكومة هي المسؤولة عن حمايتهم، خصوصاً في ظل التصريحات المستمرة من قِبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بأن حكومته هي أكثر حكومة قادرة على توفير الأمن للإسرائيليين، بل أن الاحتمال الأقرب لتفسير هذه الحالة هي رغبة إسرائيل في تغطية حجم الضعف في الجهاز الدفاعي لها، وصيانة شخصيتها سواء على الصعيد الدولي أو حتى داخل المجتمع الإسرائيلي .

● تغير المشهد الداخلي الإسرائيلي:

دائماً ما كان المجتمع الإسرائيلي يثني على قوة الحكومة الإسرائيلية وقدرتها على توفير الأمن للمجتمع؛ ولكن بعد عملية طوفان الأقصى، أدرك الإسرائيليون حجم الضعف الذي أصاب الجيش الإسرائيلي، وضعف نظام القبة الحديدية الذي ما كانت تفخر به الحكومة الإسرائيلية، وكذا ضعف نظام الاستخبارات، وحمّل الشعب الإسرائيلي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المسؤولية الكاملة على عملية طوفان الأقصى، مع ارتفاع تيار داخل المجتمع الإسرائيلي بضرورة معاقبة رئيس الوزراء ووزير الدفاع نتيجة عن الحادث.

على الرغم من حجم الخسائر الكبيرة التي وقعت على قطاع غزة إلا أن عملية طوفان الأقصى قد أعادت القضية من جديد إلى الواجهة وأثبتت قدرة المقاومة الفلسطينية على مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، ومدى الضعف الموجود داخل جيش الكيان الصهيوني.

Getting Info...

إرسال تعليق

Cookie Consent
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.
Oops!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت والبدء في التصفح مرة أخرى.
AdBlock Detected!
لقد اكتشفنا أنك تستخدم المكون الإضافي adblocking في متصفحك.
تُستخدم الإيرادات التي نحققها من الإعلانات لإدارة هذا الموقع ، ونطلب منك إدراج موقعنا في القائمة البيضاء في المكون الإضافي لحظر الإعلانات.
A+
A-